قُتل ثلاثة أشخاص على الأقل في محافظة خوزستان في جنوب غرب إيران، والتي تشهد منذ قرابة أسبوع احتجاجات على خلفية شح المياه.
واندلعت احتجاجات منذ الخميس الماضي في المحافظة الغنية بالنفط والحدودية مع العراق، في وقت تعاني إيران من انخفاض نسبة المتساقطات مقارنة بأعوام سابقة.
وأفاد مسؤولون إيرانيون عن مقتل ثلاثة أشخاص، بينهم متظاهر على الأقل وضابط في الشرطة، حتى ليل أمس الثلاثاء، بحسب فرانس برس.
وقال مسؤول محلي: “إثر أعمال الشغب مساء الثلاثاء في بلدة طالقاني (التابعة لمدينة بندر ماهشهر الساحلية)، بوغت كوادر وحدة الإغاثة التابعة لقوى الأمن الداخلي (…) وتعرضوا الى إطلاق نار من مثيري الشغب من فوق سطح أحد المباني”.
أدى ذلك إلى مقتل أحد العناصر، وإصابة آخر في ساقه. ولم يحدد المسؤول طبيعة أعمال الشغب، وإن كانت على صلة باحتجاجات الأسبوع الماضي على شحّ المياه.
تقع خوزستان في جنوب غرب إيران، على الحدود مع العراق، وتطل على الخليج. وتعدّ أبرز مناطق انتاج النفط في إيران وإحدى أغنى محافظات البلاد.
هي من المناطق القليلة في إيران التي تقطنها أقلية كبيرة من العرب السنّة.
وسبق لسكان المحافظة أن اشتكوا تعرضهم للتهميش من قبل السلطات، إذ تعاني المنطقة من جفاف مستمر فجّر احتجاجات في بلدات ومدن عدّة، مع ارتفاع درجات الحرارة.
كانت المنطقة على خط المواجهة في الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 و1988. كما كانت نقطة ساخنة للاحتجاجات المناهضة للحكومة التي هزت مناطق أخرى من إيران، عام 2019.
وأدت موجات الحر الحارقة خلال الصيف، على مر السنين، والعواصف الرملية الموسمية، التي تهب من السعودية والعراق المجاورتين، إلى تجفيف سهول خوزستان التي كانت خصبة.
وفي عددها الصادر الثلاثاء، تحدثت صحيفة “اعتماد” الإصلاحية عن انتشار وسم “أنا عطشان” باللغة العربية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن المحتجين يريدون القول إن “ليس لديهم مياه، كهرباء، هواء، حياة، في حين أن النفط يجري (في الأرض) من تحتهم”.
ورأت صحيفة “آرمان ملّي” الإصلاحية أن “أهل خوزستان ينظمون احتجاجات ليلية” كانت دوافعها تتهيأ “منذ أعوام”، معتبرة أنهم لا يريدون سوى “المياه، هذا كل ما في الأمر”.
ماذا تقول السلطات؟
أكدت السلطات الإيرانية مقتل أحد المتظاهرين خلال الاحتجاجات في خوزستان، في حين انتشرت على مواقع التواصل أخبار عن مقتل أربعة.
وحث رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف لجان التعمير، والطاقة، والتخطيط، والميزانية، والحسابات، على تنفيذ القرارات المتعلقة بحل مشكلة شح المياه في المحافظة، على وجه السرعة.
ونفى محافظ خوزستان قاسم سليماني-دشتكي في تصريحات أوردتها وكالة “إسنا” ليل الثلاثاء، ارتفاع عدد القتلى في الاحتجاجات.
وتابع “أكّدنا على القوات الأمنية والعسكرية عدم مواجهة الناس بالعنف، وخصوصا عدم إطلاق النار”، مضيفا “إذا كان البعض مسلحين ويقومون بأمور أخرى (غير الاحتجاج السلمي)، القانون يقول لنا (إنه ينبغي التعامل معهم) بشكل مختلف. لكن الناس عزيزون علينا”.
التعليق على الصورة،
من تسجيلات نشرت عن التظاهرات الأخيرة على خدمة بي بي سي الفارسية
وبث التلفزيون الرسمي الأربعاء صوراً لصف طويل من شاحنات المياه، وقال إن الحرس الثوري الإيراني أرسلها إلى خوزستان بعد تحرك مماثل من قبل الجيش في اليوم السابق.
وعلى مدار الأيام الماضية، بثت وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية في الخارج تسجيلات فيديو قالت إنها تظهر احتجاجات في عدد من مدن المقاطعة.
وأضافت أن قوات الأمن فرقت المتظاهرين بالقوة، لكن وسائل الإعلام المحلية قللت من شأن تلك التقارير.
وأظهرت تسجيلات فيديو مئات الأشخاص يسيرون في الشوارع ويرددون هتافات مناهضة للسلطات وهم محاطون بشرطة مكافحة الشغب. وكان يمكن في بعضها سماع ما بدا أنه إطلاق نار.
وقالت صحيفة اعتماد: “كانت هناك بوادر احتجاجات واضطرابات في المحافظة منذ فترة طويلة، لكن المسؤولين انتظروا كالعادة حتى اللحظة الأخيرة” للتصدي لها.
ويقول علماء إن تغير المناخ يؤدي إلى تفاقم موجات الجفاف، ما يهدّد بضرب الأمن الغذائي.
وبدأ هذا الشهر انقطاع التيار الكهربائي في العاصمة طهران، وعدد من المدن الكبرى الأخرى، وألقى مسؤولون باللوم في ذلك على تأثير الجفاف على توليد الطاقة الكهرومائية، إضافة إلى ارتفاع الطلب على الطاقة.
وفي مطلع تموز/يوليو، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن الجفاف هذا العام “غير مسبوق”، اذ أن المتساقطات في إيران انخفضت بنسبة 52 في المئة مقارنة بالعام السابق.
نقلا عن البي بي سي