Breaking News
Home / مقالات / ملاحظات على هامش ندوة مؤسسة رسالة السلام / بقلم احمد ابو المعالي

ملاحظات على هامش ندوة مؤسسة رسالة السلام / بقلم احمد ابو المعالي


أثارت الندوة التي نظمتها مؤسسة رسالة السلام العاليمة للدراسات والبحث تحت عنوان “رمضان شهر القرآن” صخبا وجدلا وصل صداه حد بيان رسمي وآخر شرعي وهنا أسجل الملاحظات التالية:

  • أن مؤسس هذه الجمعية لديه موقف من السنة لا ينسجم مع المسار الذي ينتهجه أهل السنة ولا يلائم ما تتبناه الدولة التي ينتمي إليها رسميا فهو يرى في بعض مقالاته أن “القرآن هو المرجعية الوحيدة ” ويؤكد في سياق آخر أن الله تعالى “جعل القرآن مرجعا وحيدا للمسلمين” و يرى أن “كتب الصحاح تحرض على الإرهاب” وهذا الكلام المشدد على أحادية القرآن في “المرجعية” مجانب للصواب وينبئ عن تصور مفاده تجاوز السنة النبوية وإلغاؤها واعتبارها جزءا من “تراث” شوش عن النص الأصلي وأزاح البساط من تحته وهي نظرية يعتمدها ا”لقرآنيون” والمفترض أن من يؤمن بالقرآن الكريم كاملا يؤمن بما صح من السنة القولية والفعلية فهي مما آتانا الرسول صلى الله عليه وسلم.
    فقد جاءت السنة مؤسسة لبعض الأحكام ومبينة لبعضها ومفصلة لمجمل النص ولولاه لما وصل إلى المسلمين الكثير من العبادات التي أجملها القرآن وفصلتها السنة قولا أو فعلا ومن يرى إلغاءها مطالب بترك كل ما لم يرد في القرآن الكريم وحينها سيجد حرجا في كثير من العبادات والمعاملات وعليه أن يلغي العمل بالآيات التي تحض على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم
    نعم هناك ما وضع ونسب زورا للنبي صلى الله عليه وسلم وقيض الله له جهابذة غربلوه وعزلوه عبر مسار طويل أنتج أحد أبرز العلوم وأكثرها دقة وعلمية وهو “علم الحديث”
    وتجاوز السنة لايخدم القرآن الكريم ولا يخدم الشرع وما هو بمغن فتيلا والذين يرون أن نصوص السنة تحرض على العنف لن يعدموا نصوصا شبيهة لتلك النصوص ومماثلة لها في النص القرآني وما هم بمؤتمنين أن يفهموها نفس الفهم.ومن هنا يصبح التحفظ غير وارد ولا مناسب علميا..فالآفة في الفهم السقيم.
    ولنا أن نتساءل على ضوء هذه المعطيات عن دلالة عنوان الندوة “رمضان شهر القرآن” .. أجل رمضان شهر القرآن ولكن شهر القرآن شهر السنة النبوية فإما أن نأخذ ما آتانا الله تعالى كله وإما أننا نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض الكتاب ومن يفعل ذلك ليس “قرآنيا”
    وكيف نتصور أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبلغهم القرآن الكريم دون أن ينبس ببنة شفة لإزالة مشكل أو تفصيل مجمل أو تفسير مبهم؟
    وكيف نتصور أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يهتموا بكلامه وتوضيحه وهو يبين لهم مانزل إليهم ويوجههم ويرشدهم ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة؟
    وعبر التاريخ لم تستطع تلك الدعوات المخاصمة للسنة أن تجد قبولا لدى الأمة الإسلامية وظلت معزولة وشاذة مقابل التشبث بالسنة النبوية والعض عليها بالنواجذ والشبهات التي يطرحها القرآنيون المعاصرون ليست “بكرا” والردود عليها ليست “بيضة الديك”وإن ظن البعض أنه اصطاد أرضا لم تطأها أقدام ولم تتناولها أقلام فتلك دعوى أبناؤها أدعياء
    -من المهم جدا أن تتلاقح الأفكار ويحصل الاختلاف وتتنوع وجهات النظر في إطار التفكير وفي مجال الفكر ولكن لابد في كل علم من الثوابت والركائز الكبرى التي لايصح الهدي ولا يستقيم الصراط من دون الانضاط لها وتحويلها إلى متغيرات ينقلها إلى فضاء غير فضائها وسياق غير سياقها وهو أقرب للعبث منه إلى التفكير الجاد، ولا يوازيه في الخطإ إلا نقل المتغيرات إلى دائرة الثوابت وتلك إحدى أهم الإشكلات التي عانى منها الفكر الإسلامي ولو أبقينا على الثوابت وكنا مرنين في “المتغيرات” لزالت الكثير من الإشكالات والقضايا التي شلت التفكير الإسلامي.
    للأسف ظن البعض أن تجديد الدين ومراعاة تنزيل النصوص على الواقع وتجاوز الجمود الحاصل في بعض جزئيات الفقه- يتطلب ثورة جذرية تطال بعض “الثوابت” وتهز بعض “النصوص” حتى تلائم ما يصبو إليه أو يراه أنسب للتعامل مع الواقع والأدهى أن يكون ذلك من غير المتخصصين
    فلا إلغاء التجديد والتعلق ب”المتغيرات” يناسب طبيعة الشرع وهوية الرسالة الخالدة ولا إلغاء “الثوابت” يناسب الأسس والمنطلقات الدينية السليمة
    لايعني هذا أن نغلق باب الحوار أو أن نكمم الأفواه أو أن نصادر ما لايوافقنا لكن ليكن ذلك في سياقه المناسب وفي ساحاته المسموح بها ووفق المنهج العلمي المقبول
    وهنا لابد من التطرق لضرورة عدم التسرع في إلقاء الكلام على عواهنه ورمي المخالف عن قوس واحد قبل سماع رأيه وهذا عام في كل نقد لقول لم نتثبت من نسبته حتى لانظلم أحدا أو نقول بغير علم.
    -وتجدر الإشارة إلى أن الحديث عن الوصاية على الدين تحتاج توضيحا فليس هناك “وصي” بمفهوم التحكم وفق التشهي والمزاج ..
    نعم هناك علماء دين ميزتهم أنهم ” طائفة” نفروا و تفقهوا في الدين “لينذروا قومهم”وعلموا ما جهل غيرهم ودوهم فقط هو تبين ذلك العلم وهذه لاتسمى وصاية على الدين وإنما حالهم حال الطبيب الذي يوصيك بعدم تناول “الطعام المعين” أو ضرورة إجراء جراحة معينة ..فهو ليس وصيا على جسدك ولكن له علم وخبرة أهلته ليعرف ما لاتعرف عن جسمك ..وهكذا الأمر في سائر العلوم.. ومصداق ذلك قوله تعالى “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون”
    أحمد أبو المعالي

About ahmedou saalem

Check Also

انطلاق أعمال منتدى الشباب العربي بقصر المؤتمرات بنواكشوط

انطلقت صباح أمس بقصر المؤتمرات بنواكشوط أعمال منتدى انواكشوط الأول للشباب، الذي تنظمه وزارة الثقافة …